[CENTER]بسم الله الرحمن الرحيم
غزوة بني المصطلق
غزوة بنى المصطلق أو غزوة المريسيع حدثت في السنة 5 هـ لكن ابن اسحاق والطبري وخليفة ذكروا انها في شعبان السنة السادسة للهجرة ونقل قولهم ابن حجر في الفتح وايد ابن اسحاق ابن حزم في جوامع السيرة ومال إلى رأيه ابن القيم في زاد المعاد . واما المريسيع هي ماء لبني خزاعة في وادي قديد. بلغت قوات المسلمين 1000 رجل معهم 30 فرس وكان الطرف الآخر هم بنو المصطلق من قبيلة خزاعة. هدفت الغزوة إلى القضاء على تجمع بنو المصطلق بقيادة الحارث بن أبر ضرار حيث كانوا يتجمعون لمهاجمة المدينة المنورة.
وصل المسلون بقيادة الرسول محمد إلى المريسيع وعندما علم بنو المصطلق بذلك هرب معظمهم. تهيأ الحارث للحرب وترامى الطرفان بالنبل لساعة ثم هجم المسلمون على بنو المصطلق وقتلوا 10 وأسروا الباقين واستشهد مسلم واحد. غنم المسلمون في هذه الغزوة 2000 بعير و5000 شاة. وكان من الاسرى بريرة بنت الحارث سيد بني المصطلق، وكان معها من نساء بني المصطلق مئتا اسيرة وزعت على المسلمين. وقد تزوج الرسول صلوات الله وسلامه علية من بريرة وسماها: جويرية. وكان السبب في زواجه منها أنه لما قسم عليه الصلاة والسلام السبايا، وقعت جويرية في سهم ثابت بن قيس، وأرادت جويرية من رسول الله أن يقضي عنها مكاتبتها، ففعل ذلك رسول الله وتزوجها، وبسببها فك المسلمون أسراهم من قومها. وكانت ذات صبر وعبادة، فعن ابن عباس قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند جويرية وكان اسمها برة، فحول اسمها (إلى جويرية)، فخرج وهي في مصلاها ورجع وهي في مصلاها فقال: لم تزالي في مصلاكِ هذا، قالت: نعم، قال: قد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت لوزنتهن، سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته) رواه أبو داود. وكان الهدف من زواج رسول الله من جويرية بنت الحارث الطمع في إسلام قومها، وقد تحقق هذا الهدف السامي، فأعز الله المسلمين بإسلام قومها وأصبحوا قوة تنشر الإسلام وتدافع عنه وتحميه, بعد أن كانوا قوة تناؤى الإسلام وتحاربه وتعادية.
غزوة حنين
[center]
غزوة حُنين (8 هجرية, 630 ميلادية) 10 شوال 8هـ : وقعة قامت بين المسلمين وقبيلة هوازن وقبيلة ثقيف في وادي حُنين بين مكة والطائف حيث انتصر المسلمون عليهم بعد صعوبة شديدة .
سبب المعركة : هو قائد المعركة نفسه وهو مالك بن عوف النصري (من بني نصر بن معاويه بن بكر بن هوازن) .
قرر القائد العام لقبيلة هوازن «مالك بن عوف» أن يسوق مع الجيش الأموال والعيال والنساء ليزيد ذلك من حماس المشركين في القتال ويجعلهم يقاتلون حتى الموت، إن لم يكن للنصر فللدفاع عن الحرمات، وسار جيش القبيلة حتى وصل إلى وادي أوطاس وهو على مسيرة يوم من مكة تقريبًا، ولم يعجب هذا الرأي أحد قادة الجيش المجربين ذوي الخبرة وهو «دريد بن الصمة» ولكن مالك بن عوف أصر عليه، وهدد بالانتحار إذا لم يطيعوه، فأطاعوه على سفاهة رأيه،
وصلت أخبار هذا الجيش للرسول ، فاستعد بجيش كبير يضم كثيرًا من مسلمة الفتح الذين لم يدخل الإسلام في قلوبهم بصورة كاملة، وكان الجيش كبيرًا بصورة أعجبت كثيرًا من المسلمين، وداخلهم الثقة الكاملة لحد الغرور من النصر الكاسح على المشركين، وانزعج الرسول من مقولة بعضهم: «لن نغلب اليوم من قلة».
قام «مالك بن عوف» بوضع جيشه على شكل كمائن في مداخل ومضايق وشعب وادي حنين ويقع في منطقه جبليه وعره بين مكة والطائف وقد سبق المسلمين لهذا الوادي، ووضع خطته على مفاجأة المسلمين بالسهام القاتلة، وفي يوم 10 شوال سنة 8هـ وعند السحر دخل المسلمون وادي حنين وهم لا يدرون بوجود كمناء العدو، وفجأة انهالت السهام عليهم من كل مكان والعدو يهجم عليهم هجمة رجل واحد ( عن جابر بن عبد الله الانصاري قال في حرب الطائف (قالوا : يا رسول الله، أحرقتنا نبال ثقيف، فادع الله عليهم. فقال : (اللهم اهد ثقيفا) رواه الترمذي ,,,وفي كتابه سنن الترمذي ، فأصيب المسلمون بالدهشة المربكة وتراجعوا بدون نظام، فركبوا بعضهم بعضًا من شدة الصدمة، وصاح بعض حديثي العهد بالإسلام مثل أبي سفيان بن حرب وكلدة بن الجنيد بما في صدورهم وعندها قام الرسول بعمل جريء، إذ عرض نفسه لمخاطرة كبيرة، إذ انحاز إلى جهة اليمين ثم نادى على المسلمين، وخصص النداء بالمهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان، حتى اجتمع عنده مائة من خاصة أصحابه، فقال النبي : «الآن حمي الوطيس» ثم أخذ قبضة من تراب الأرض ورمى بها في وجوه القوم وقال: «شاهت الوجوه» ولم تمر سوى ساعات قلائل حتى انهزم العدو هزيمة منكرة، وفروا إلى عدة أماكن مختلفة، فطائفة إلى «أوطاس» وأخرى إلى «نخلة» ومعظم الفارين إلى حصون الطائف، فأرسل الرسول عدة فرق لمطاردة الفارين، وذلك من أجل منعهم من التجمع ومعاودة الهجوم على المسلمين.
استطاعت فرق المطاردة القضاء على الفارين، وبعدها اتجه الرسول والمسلمون مباشرة إلى الطائف حيث منازل وحصون ثقيف، وقد لجأ إليها «مالك بن عوف» ومعظم الفارين من هوازن ، وضربوا على الطائف حصارًا شديدًا، وقع خلاله مناوشات حامية بين المدافعين عن الحصن والمسلمين، حدثت خلالها إصابات كثيرة للمسلمين جعلتهم يغيرون مكان معسكرهم. حاول الرسول الضغط على المحاصرين بقطع حدائق أعنابهم (والطائف كثيره الفواكه إلى يومنا هذا)، ثم نادى سفيان الثقفي يا محمد لم تقطع اموالنا اما ان تاخذها ان ظهرت علينا واما تدعها لله و للرحم كما زعمت : فقال الرسول صلى الله عليه و سلم ( فاني ادعها لله و للرحم )، ثم أعلن أن من خرج من عبيد ثقيف للمسلمين فهو حر، فخرج إليهم ثلاثة وعشرون رجلاً، ثم حاول الهجوم بشدة ولكن أهل الحصن قد أعدوا فيه ما يكفيهم لحصار سنة، وبعد المشاورة قرر الرسول الرجوع ورفع الحصار عن الطائف.
ولما عاد رسول الله بعد رفع الحصار عن الطائف، مكث بالجعرانة، وهو المكان الذي تم تجميع فيه غنائم حنين، وكانت كبيرة وضخمة بالمقارنة بغنائم المعارك السابقة، فقام الرسول بتوزيعها على رؤساء القبائل وأشراف مكة والمؤلفة قلوبهم، وأفاض في العطاء، حتى ازدحم عليه الأعراب والناس طمعًا في المـال، ولم يعط النـبي للأنصار من هذه الغنيمة الضخمة شيءًا، فوجد الأنصار في أنفسهم من هذا الأمر وتكلموا فيه حتى كثرت فيهم القالة، فجمعهم النبي ووعظهم موعظة بليغة مؤثرة أزالت من نفوسهم أي أثر للحزن ووجد النفوس. " يا معشر الأنصار، مقَالَهٌ بلغتني عنكم، وَجِدَةٌ وجدتموها عليّ في أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم اللّه ؟ وعالة فأغناكم اللّه ؟ وأعداء فألف اللّه بين قلوبكم ؟ " قالـوا : بلى، اللّه ورسولـه أمَنُّ وأفْضَلُ .
ثم قال : " ألا تجيبوني يا معشر الأنصار ؟ " قالوا : بماذا نجيبك يا رسول اللّه ؟ للّه ورسوله المن والفضل . قال : " أما واللّه لو شئتم لقلتم، فصَدَقْتُمْ ولصُدِّقْتُمْ : أتيتنا مُكَذَّبًا فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسَيْنَاك.
أوَجَدْتُمْ يا معشر الأنصار في أنفسكم في لَعَاعَةٍ من الدنيا تَألفَّتُ بها قوماً ليُسْلِمُوا، ووَكَلْتُكم إلى إسلامكم ؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) إلى رحالكم ؟ فو الذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعْبًا، وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللّهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار ".
فبكى القوم حتى أخْضَلُوا لِحَاهُم وقالوا : رضينا برسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) قَسْمًا وحظاً، ثم انصرف رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم)، وتفرقوا
وأنزل الله عز وجل في أحداث غزوة حنين وما جرى فيها للمسلمين من إعجاب بالنفس آيات من الذكر الحكيم في سورة التوبة، ليتأسى المسلمون بهذه الحادثة العظيمة وما فيها من دروس وعبر.
من الجدير بالذكر ان الصحابة الذين ثبتوا في هذه المعركة هم الذين حضروا في دار الارقم ابن ابي الارقم في مكة عندما كان المسلمون مستضعفين فتربوا على يد الرسول (صلى الله عليه وسلم) وثبتوا معه في حنين.
غزوة مؤته
غزوة مؤتة أو سرية مؤتة، جرت الغزوة في جمادي الأول من العام الثامن للهجرة (أغسطس 629 م) بسبب قتل الحارث بن عمير الأزدي رسول الرسول محمد إلى ملك بصرى على يد شرحبيل بن عمرو بن جبلة الغساني والي البلقاء الواقع تحت الحماية الرومانية؛ إذ أوثقه رباطا، فقدمه، فضرب عنقه.
سبب هذه المعركة أن النبي محمد بعث الحارث بن عمير الأزدي بكتابه إلى عظيم بُصْرَى ، فعرض له شُرَحْبِيل بن عمرو الغساني ـ وكان عاملاً على البلقاء من أرض الشام من قبل قيصر ـ فأوثقه رباطاً ، ثم قدمه ، فضرب عنقه .وكان قتل السفراء والرسل من أشنع الجرائم ، يساوي بل يزيد على إعلان حالة الحرب ، فاشتد ذلك على النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)حين نقلت إليه الأخبار ، فجهز إليهم جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل ، وهو أكبر جيش إسلامي لم يجتمع قبل ذلك إلا في غزوة الخندق.
وهناك في مؤتة التقى الفريقان ، وبدأ القتال المرير ، ثلاثة آلاف رجل يواجهون هجمات مائتي ألف مقاتل . معركة عجيبة تشاهدها الدنيا بالدهشة والحيرة ، ولكن إذا هبت ريح الإيمان جاءت بالعجائب . أخذالراية زيد بن حارثة ـ حِبُّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وجعل يقاتل بضراوة بالغة ، وبسالة لا يوجد لها نظير إلا في أمثاله من أبطال الإسلام ، فلم يزل يقاتل ويقاتل حتى شاط في رماح القوم ، وخر صريعاً . وحينئذ أخذ الراية جعفر بن أبي طالب ، وطفق يقاتل قتالاً منقطع النظير ، حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه الشقراء فعقرها ، ثم قاتل حتى قطعت يمينه ، فأخذ الراية بشماله ، ولم يزل بها حتى قطعت شماله ، فاحتضنها بعضديه ، فلم يزل رافعاً إياها حتى قتل . يقال : إن رومياً ضربه ضربةً قطعته نصفين ، وأثابه الله بجناحيه جناحين في الجنة ، يطير بهما حيث يشاء ، ولذلك سمي بجعفر الطيار ، وبجعفر ذي الجناحين .
روى البخاري عن نافع ، أن ابن عمر أخبره : أنه وقف على جعفر يؤمئذ وهو قتيل ، فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ، ليس منها شيء في دبره ، يعني ظهره . وفي رواية أخرى قال ابن عمر : كنت فيهم في تلك الغزوة ، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى ، ووجدنا ما في جسده بضعاً وتسعين من طعنة ورمية . وفي رواية العمري عن نافع زيادة : [ فوجدنا ذلك فيما أقبل من جسده ] .
ولما قتل جعفر بعد أن قاتل بمثل هذه الضراوة والبسالة ، أخذ الراية عبد الله بن رواحة ، وتقدم بها ، وهو على فرسه ، فجعل يستنزل نفسه ، ويتردد بعض التردد ، حتى حاد حيدة ثم قال : أقسـمت يـا نفــس لتنــزلنـه إن أجلب الناس وشدوا الرنة كارهــــة أو لتــطـاوعــــــنـه مالي أراك تكرهيــن الــجنة ثم نزل ، فأتاه ابن عم له بعَرْق من لحم فقال : شد بهذا صلبك ، فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت ، فأخذه من يده فانتهس منه نَهْسَة ، ثم ألقاه من يده ، ثم أخذ سيفه فتقدم ، فقاتل حتى قتل .
وحينئذ تقدم رجل من بني عَجْلان ـ اسمه ثابت بن أقرم ـ فأخذ الراية وقال : يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم ، قالوا : أنت . قال : ما أنا بفاعل ، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد ، فلما أخذ الراية قاتل قتالاً مريراً ، فقد روى البخاري عن خالد بن الوليد قال: لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف ، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية . وفي لفظ آخر: لقد دق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف ، وصبرت في يدي صفيحة لي يمانية .البخاري (4266) وقد قال رسول الله() يوم مؤتة ـ مخبراً بالوحي ، قبل أن يأتي إلى الناس الخبر من ساحة القتال : ( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب ـ وعيناه تذرفان ـ حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ، حتى فتح الله عليهم ) . البخاري (2/611)