يا أبت
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: يا أبت

  1. #1
    بطل أسطوري الصورة الرمزية lolo1919
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    4,661
    Thumbs Up/Down
    Received: 1,025/114
    Given: 392/18

    يا أبت


    رب اجعلني برًّا بوالديَّ، ولا تجعلني جبارًا عصيًّا.



    ما بين: ﴿ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ﴾ [مريم: 44]، و﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ﴾ [الصافات: 102] حكاية دَهرٍ طويل، تتلخَّص في: ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 105].



    يُحسِن الابن إلى أبيه الفظِّ الغَليظِ، ويُقابلُ الطردَ بحِلمٍ ورحمةٍ: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ﴾ [مريم: 47]، وحين تمرُّ الأيام ويُخرِجُ الله من صلبه ابنًا بعد أن بلغ الكِبَرَ، يجد ابنًا بارًّا يُعينُه على تنفيذ أمر الله، فيكون له مزيد رفعة، هو أبونا إبراهيم، هو سمَّانا المسلمين من قبل - عليه السلام.



    نطوي قرونًا بعد تلك العظمة لنقول: يا أبتِ، في همسٍ خافتٍ، إنه همسُ اعترافٍ بأبوَّةٍ حانية تُقابِلها قسوة الابن وجُحودُه لكنه يلتفت إلى نفسه، ويُحاول أن يهمسَ: يا أبتِ، نعم الأب أنت، وبئس الابن ابنك!



    يا أبتِ، إنَّني أذكر جميلك، أَعرِفُ قدرَ المشاعر التي تَحمِلها لصغيرك، لا أتذكَّر تفاصيل الصرخات الأولى؛ لكنَّني مُوقِنٌ أنها كانت بداية لمنَّةٍ ربانية بشفقة أبوية، ولطف ورحمة، واثق أنك كنتَ تَنظُر إليَّ بلُطفٍ فَرِحًا مبتسمًا؛ ذلك أنني حين كبرتُ رأيت ذلك بعيني، رأيتك وأنت تقدمني لأصدقائك وتُثني عليَّ خيرًا.



    تتذكَّر تلك اليدُ الصغيرةُ أنك كنت تمسك بها وتسير إلى المسجد؛ تارةً لتُبكِّرَ إلى صلاة الجمعة، وتارة لسائر الصلوات، ولم يكن ظلام الفَجرِ مُستثنى، الآن أعلم أنك كنت تصنعني لمهمة عظيمة، كنت تُربِّيني على العبودية لله، وعلى أن أكون شابًّا ينشأ في عبادة ربه.



    الآن أعلم أنك كنتَ تسيرُ بي نحو الجنَّة في كل مسير نسير به نحو المسجد، كنت تشقُّ لي الطريق الذي يَنبغي أن أسير فيه أبدَ الدَّهرِ حتى أصل إلى تلك الغاية السامية.



    أتذكر جيدًا تربيتك العملية لي وأنت تشير إلى ذلك المدخِّن وتقول لي: " قل له: إن التدخين محرَّم "، ثم تدفع إليه بمطويّة عن التدخين كانت معك، لقد فهمتُ معنى إنكار المُنكَرِ بلطفٍ.



    أي أبتِ، لم تَنقطِع نصائحُك وتوجيهاتُك لي، كنتَ تَعتصِرُ خبرتك لتصبَّها في كأسٍ أشربه هانئَ البالِ حتى أنجح وأتميَّزَ، كل نصيحة كانت خبرةَ عام أو عقد من الزمن أو يزيد، وها هي تأتيني بأيسر ما يكون، لم أكن يقِظًا لأقول: نعم سأعمل بمقالك فقد اختصرتَ عليَّ الجهد والوقت لأكتشف الحياة وأعلم خافيَها، لكنَّني أقولُها اليوم: أي أبتِ آسفٌ وشكرًا؛ ذلك أن كثيرًا من النُّصحِ تُسديه إليَّ أُعرِض عنه وأشيح، ثم ما ألبث أن أصل إلى أنه صواب ولكن بعد أن فوَّتُّ فرصة اختصار الزمن والجهد!



    وحينًا تنصحنا ساخرًا:

    "أنتم آخِرُ من يدخل المسجدَ وأول من يخرج منه، يبدو أنكم تخرجون قبل تسليم الإمام!" كنا مُراهقين، نرى أننا أحرار في كل شيء، نَستعجِلُ الخروج للحديث مع أصدقائنا، لم نكن نلتفت إلى معانٍ إيمانية كنت تحب أن يتركها المسجد في قلوبنا لتحيا.



    وحين تربينا بالقدوة، فتلك حكاية أخرى، ولنعم التربيةُ هي وربي، حين أقوم من آخرِ الليلِ لبعض شأني فأجدك واقفًا بين يدي ربك تُصلِّي له حتى إذا جاء وقت استيقاظنا - لصلاة أو سحور - أقبلتَ علينا تُوقِظنا وإن كنتَ تُقدِّم لآخرتك، ولم تلتفت لنظري إليك، إلا أنها نعم التربية، ونعم الأثر - وربي - تتركه في نفس بنيك!



    حين أراك وقد جاوزتَ الستِّين - أطال الله عمرك على طاعته في صحة وعافية - وأنت تُقلِّب صفحات الشبكة العنكبوتية تقرأ وتستمع لما يُفيدك في تخصصك، وحين تحدثني أنك تراجع ما درسته في الجامعة قبل أربعين عامًا، أو حين تسعى لتطوير مهاراتك اللغوية، أتظنُّ تلك اللحظات تنسى؟! كلا، ستظلُّ نقشًا أتحدث به أن أبًا يَنصح بكلامه وبفعله، لا يَعني له تقدُّمه في العمر شيئًا في مقابل تجديد معلوماته، وطلبه للعلم شرعيًّا كان أو تجريبيًّا.



    إنك - ومعظم الآباء - تكدَحون، وتكدُّون، ويأكل الأبناء من عرق جبينكم دون شُكرٍ أو وفاء، دون شعور بقدر العَناء الذي تكبَّدتُموه ليَعيشوا حياةً أفضل مما هم عليه، لا تتوقَّف أمانيكم لهم بالحياة الهانئة عند حدٍّ، وإن كلَّفتكم تلك الأماني مزيدَ جهد وبذل وعناء، وإن كلفتكم شوقًا ومحبةً لهم حين يَبتعِدون عنكم؛ لكن هناءُ حياتِهم مُقدَّمٌ لكم، أي عظمة تلك؟! أي إحساس ذلك؟!



    يا أبتِ، إنني وإن ظهرَتْ لك مني جفوة ولا مُبالاةٌ، إلا أنني مدينٌ لك بالفضل رغم أنفي، وإني والله أكنُّ لك من المودة ما الله به عليم، سأظل أنادي: "اللهمَّ اجزِه عنِّي خيرَ الجزاء، وارزقه الفردوس الأعلى من الجنة"؛ ذلك أني لا أملك إحصاءً لكل بَذْلِكَ، ولا أملك جزية أجازيك بها، وإن فعلتُ ما فعلتُ! أمَّا الله - عز وجل - فهو يُجازيكَ وإن قوبل إحسانك بالجحود، وإني لأرجو أن أُوفَّقَ للإحسان إليك، وأن أجدَ ذلك مُدَّخرًا لي عند ربي.



    وهمسة في الختام:

    إليك أخي المسلم: ((أحيٌّ والداك))؟! إن أحدهما أو كلاهما: ((ففيهما فجاهد)).
    عبدالله محمد أشرف سعد




    1 Not allowed! Not allowed!

  2. #2
    بطل أسطوري الصورة الرمزية blackcat7878
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    الدولة
    حيث يجب أن أعيش .
    المشاركات
    7,878
    Thumbs Up/Down
    Received: 1,500/264
    Given: 667/4
    اللهمَّ اجزِهم عنِّا خيرَ الجزاء، وارزقهم الفردوس الأعلى من الجنة" ♥

    0 Not allowed! Not allowed!
    ..

  3. #3
    بطل مغوار الصورة الرمزية shaerd2010
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    1,976
    Thumbs Up/Down
    Received: 410/16
    Given: 549/60
    لسوء حظي لم اجرب الامور المكتوبة في هذا الموضوع
    من نصائح او تربية او تعليم او نفقة واهتمام
    فا والدي شخص ظالم وشجع و مهمل عائلته ولا يكترث الا بنفسه
    همممم اظن اني قد نسيت متى كانت اخر مرة تحدثت فيها معه لكنها كانت منذ مدة طويلة جدا ~~

    0 Not allowed! Not allowed!
    ~Chloroform~

    #ويستمر_التيار

    ( ليت كل الناس انت ........ وليت كل من حولك انا ! )



ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •