عكرمة بن أبي جهل من العداوة إلى الشهادة
أهدر الرسول عليه الصلاة و السلام دمه لشدة أذاه للإسلام
فهرب عكرمة إلى البحر و ركب سفينة و ما كان يدري أنه يهرب إلى الاسلام
فقد هبت عاصفة شديدة فقال أصحاب السفينة ( أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً ها هنا )
فقال عكرمة في نفسه ( والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص لا ينجيني في البر غيره )
ثم التجأ إلى ربه قائلاً ( اللهم إنّ لك علي عهداً إن أنت عافيتني مما أنا فيه،
أني آتي محمداً حتى أضع يدي في يده، فلأجدنّه عفواً كريماً )
وكان يعلم أن الرسول أهدر دمه لكنه يعلم أيضاً أخلاق محمد و عفوه
و ذهبت زوجته أم حكيم بنت الحارث
و استأمنت الرسول له فقال الرسول ( هو آمن )
فرجع معها عكرمة و رحب به الرسول قائلاً ( مرحباً بالراكب المهاجر )
و أسلم عكرمة و غدا بعد اسلامه رجل آخر و مضى يسخر حياته لخدمة دين الحق
و قد وثق به الرسول حتى استعمله على صدقات هوازن
و ختم حياته شهيداً في محطته الأخيرة يوم اليرموك
و لعل الرسول يستقبله بالجنة قائلاً له :
( مرحباً بالراكب المهاجر , مرحباً بالراكب المهاجر )
صهيب بن سنان التاجر الرابح
أصوله عربية لكن لكنته أعجمية لأنه انتزع صغيراً من أحضان أسرته
ليكون عبداً رقيقاً في بلاط الروم
و لم يزل يباع و ينتقل من سيد إلى سيد حتى اشتراه عبدالله بن جدعان
الذي أعجب به و علمه التجارة فبرع بها فأعتقه
و لما أذن الله بالهجرة حاول صهيب مراراً اللحاق بالمهاجرين
إلا أن فتيان قريش كانوا يصدونه و يمنعوه عنه السفر .. و أخيراً نجحت المحاولة
و في الطريق اتبعه نفر من قريش فنزل عن راحلته و قايضهم
إما أن يقاتلهم حتى الموت أو يدلهم على ماله و يخلوا سبيله
فوافقوا أن يأخذوا ماله و يتركوه و شأنه
في تلك اللحظات التي اشترى فيها صهيب هجرته من الكفار
كان الله قد أنزل على نبيه قوله
( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد )
استقبله الحبيب صلى الله عليه و سلم ليبشره بأنجح صفقة عقدها قائلا له
( ربح البيع أبا يحيى ! ربح البيع )أبو يحيى هذه الكنية التي اختارها النبي لصهيب
لم يشهد الرسول مشهداً و لا بايع بيعة و لا غزا غزوة إلا حضرها صهيب
و قال فيه الرسول : ( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليحب صهيب حب الوالدة لولدها)
و لعل هذ التوكيد النبوي في حب صهيب أنه قد حرم أهله و هو صغير فكان المسلمون هم أهله
جاوز صهيب السبعين من عمره و توفي عام 38 للهجرة
الطفيل بن عمرو الداعية الذي لا يمل
كان طفيل سيداً مطاعاً من أشراف العرب و كان رئيس قبيلة دوس بأرض اليمن
و قد كان لبيباً شاعراً و قد خوفته قريش من محمد و دعوته لكن ما إن سمع كلام الرسول و القرآن
قال ( لا والله ما سمعت قولاً قط أحسن منه و لا أمراً أعدل منه فأسلمت و شهدت شهادة الحق )
و رجع طفيل إلى بلده اليمن ليدعوا إلى دين الحق و دخل الاسلام أباه و زوجته على الفور
إلا أن قومه لم يستجيبوا له سريعاً كما استجاب أهل بيته فحزن ثم تحول حزنه لغضب
و كان يرى أن الزنا الذي انتشر فيهم قد أعمى بصائرهم و طمس نور قلبهم
فعاد إلى مكة و جلس الطفيل بين يدي رسول الله
و قال : ( يا نبي الله إنه غلبني على دوس الزنا فادع الله عليهم )
فقال نبي الرحمة ( اللهم اهد دوساً ) و التفت إلى الطفيل و قال ( ارجع إلى قومك و ادع لهم و ارفق بهم )
و فات الطفيل أحداث كثيرة منها بدر و أحد و الخندق و صلح الحديبية
وهو وحده في اليمن يدعو قومه و يرفق بهم
ثم كانت غزوة خيبر و انتصر المسلمون على اليهود و قبل عودة النبي أطل ركب من بعيد
80 بيت من دوس و فيهم ابي هريرة يتقدمهم الطفيل تسابقه أشواقه للرسول
و قد توفي الطفيل شهيداً حيث استبسل بالقتال في اليمامة
عمرو بن الجموح المشتاق إلى الجنة
وله قصة طريفة بإسلامه حيث أسلم أبناؤه قبله و هم معاذ و معوذ و خلّاد
إلا ان أباهم ظل متشبث بوثنيته و كان لديه صنم من خشب أطلق عليه مناف
فاتفق ابنه معاذ مع صديقه معاذ بن جبل بأن يلقوا الصنم في حفرة يضع الناس بها الأقذار
و في الصباح بحث عمرو عن صنمه و وجده ملقى بالحفرة فأخذه و غسله و طيبه
لكن في كل ليلة كان يجد صنمه ملقى في نفس الحفرة
حتى سئِم عمرو، وجاء بسيف ووضعه على عنق الصنم "مناف"،
وخاطبه قائلاً: "إن كان فيك خيرٌ، فدافِع عن نفسك"،
فلما أصبح، لم يجده مكانه، بل وجده في نفس الحفرة مقترنًا بكلب ميتٍ
فغضب غضب شديد و استغل ناس أسلموا من قومه هذه اللحظة
و أخذوا يحدثونه عن محمد فانشرح صدره للاسلام و نطق بالشهادة
ولقد حاول عمرو أن يخرج في غزوة بدر إلا أن أبناؤه منعوه بسبب عرجة شديدة في قدمه
ثم كانت غزوة أحد و نهض عمرو مصراً على الخروج فاعترضه أبناؤه كذلك
و أخذ عمرو يتوسل إلى النبي بالخروج و أمام هذا الاصرار أذن له الرسول بالخروج
ودعا عمرو ربه : ( اللهم ارزقني الشهادة ولا تردّني الى أهلي خائباً )
و بالفعل استبسل في الجهاد و توفي يوم أحد
و أخذ الرسول يتفقد الشهداء يوم أحد فعندما وصل إلى عمرو بن الجموح قال
(فإني أراك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة )