0
السَّلامُ عليكُم .
قال تعالى : " قُل إنَّ المَوتَ الَّذي تفِرُّونَ مِنْهُ فإنَّهُ مُلاقيكُم ثُمَّ
تُرَدُّونَ إلَى عالِمِ الغَيْبِ والشَّهادَةِ فيُنبِّئُكُم بما كُنْتُم تعملُون " .
بدايةً .. من برأيِكُم يُحِبُّ المَوْت ؟ ... البائسُ مِنَ الحياة ؟ ... المؤمِنُ الَّذي يرجو لقاءَ ربِّه ؟ ..
العجوزُ الَّذي سأمَ تكاليف الحياة ؟ .. من ؟
رغمًا مِن كُلِّ هذهِ الأمور .. إلَّا أنَّ البشرَ يكرهونَ المَوت .. ويخافونه ! ...
بل يكرهونَ سماعَ سيرتِه .. وهذا شيء طبيعي !
لكِن .. هُناك بعضُ الأشخاص .. فئةٌ قليلة مِن البشر .. تهوى الموت ! وتُؤمِنُ ببعضِ القيَم ..
دعونا نستعرض بعضًا من هذه المفاهيم !
شاهدوا .. ما مفهوم الموت لدى عنترة حينما قال :
" بَكَرَتْ تُخَوِّفُني الحُتوفَ كأنَّني .. أصْبَحْتُ عَنْ غَرَضِ الحُتُوفِ بمعزِلِ ...
فأجَبْتُهَا إنَّ المَنِيَّةً مَنْهَلٌ .. لا بُدَّ أن أُسقَى بِكأسِ المَنْهَلِ !
فاقنَيْ حياءَكِ - لا أبا لكِ - واعلمي .. أنّي امرؤ سأموتُ إن لَم أٌقْتَلِ ! "
فهو هُنا يرُدُّ على الَّتي خوَّفَتْهُ مِنَ المَوت .. ويتعجَّبُ قائلًا : كأنني أصبحتُ معزولًا عن الموت !
فأجابها : إنَّ المَوتَ كأسُّ لا بُدَّ أن يُسقَى مِنْه ! .. فعليكِ أن تخجلي من نفسِك واعلمي
أني شخص سأموت حتَّى وإن لم أٌقْتَل !
نَعم .. إنَّهُ ينظُرُ للمَوت .. ويؤمن بحتميَّتِه ولا يهابه ! .. لذلك كان خيرَ مثالٍ للشجاعة والبسالة والإقدام ..
-------------------------------------------------------------------------------------
ليسَ عنترة فقط من أمِنَ بالموت .. ولم يهابه ..
دعونا نستعرِض مفهومَ الموت لدى المُتنبي حينما قال :
" غيرَ أنَّ الفتَى يُلاقِي المنايا كالحاتٍ .. ولا يُلاقي الهوانا !
ولو أنَّ الحياةَ تبقَى لحيٍّ .. لعددنا أضلَّنا الشُّجعانا !
وإذا لَم يَكُنْ مِنَ المَوْتِ بُدٌّ .. فَمِنَ العَجْزِ أَن تَمُوتَ جبانا ! "
فهو يقول .. بأنَّ المرءَ ينظر للموتِ ويُفضِّلُهُ على أن يُهان ! .. وقال بأنَّ الحياةَ إذا
كُنَّا مُخلَّدينَ فيها ولن نموت ..
فإنَّنا سنعتبر أنَّ الشجعانَ الَّذينَ قُتِلَوا في سبيلِ ما يؤمِنُونَ به ضالين !
وأنَّه إذا لم يكُن من الموتِ مفرٌّ فمِن العارِ أن نموتَ على الجُبن !
-----------------------------------------------------------------------------
ومِن هُنا يتوجَّبُ عليَّ ذِكْرُ ما قالَهُ أبو فراس الحمداني عن الموت :
" ولَكِن إذا حُمَّ القَضاءُ على امرئٍ .. فليسَ لهُ برٌّ يقِيهُ ولا بَحْرُ !
وهَل يتجافى عنِّيَ المَوْتُ ساعةً .. إذا ما تجافَى عنِّي الأسرُ والضّرٌّ ؟
هُوَ الموتُ .. فاختَرْ ما علا لَكَ ذِكْرُهُ .. فَلَمْ يَمُتِ الإنسانُ ما حييَ الذِكرُ ! "
كان يتكلَّمُ هُنا وهو أسيـر .. وكان يؤمِنُ بحتميَّةِ الموتِ أيضًا .
. فقال بأنَّ الفردَ إذا جاءَت ساعة موته .. فليسَ له مكان يُنجيه ..
وهل سيبتعِدُ عنهُ المَوْتُ ساعةً ... إذا ما ابتعدَ أسره ؟
وأنهى كلامَه عنِ المَوت .. أنَّهُ يجِبُ على الفردِ أن يختارَ ميتَةً
جيِّدَةً تُخلِّدُ ذِكراه !
-----------------------------------------------------------------------------------
ومِن هُنا يتوجَّبُ علينا ذكرَ الآيةِ الكريمة : " لا تحسبَنَّ الَّذينَ قُتِلُواْ في سَبيلِ اللهِ
أمواتًا .. بَلْ أحياءً عِنْدَ ربِّهِم يُرْزَقُون "
فالموتُ في سبيلِ ما تؤمِنُ بهِ خلودٌ في نعيمٍ أبدي