0
نبدة عن الحضارة الفرعونية القديمة
[color="#000080"]كانت مصر القديمة حضارة قديمة في شمال شرق أفريقيا، وتتركز على طول المجرى الأسفل لنهر النيل في ما هي الآن الدولة الحديثة في مصر. الحضارة المصرية ملتئم حول 3150 قبل الميلاد (وفقا لتسلسل زمني المصرية التقليدية) مع التوحيد الدينى لمصر العليا والسفلى تحت الفرعون الأول. وقعت في تاريخ مصر القديمة في سلسلة من الممالك غير مستقرة، مفصولة فترات عدم الاستقرار النسبي المعروفة باسم الفترات المتوسطة: المملكة قديم من العصر البرونزي المبكر، عصر الدولة الوسطى من العصر البرونزي الأوسط والمملكة جديد من العصر البرونزي المتأخر.وصلت مصر ذروة قوتها خلال عصر الدولة الحديثة، في فترة الرعامسة حيث ينافسه الإمبراطورية الحثية، الإمبراطورية الآشورية وميتاني الإمبراطورية، وبعد ذلك دخلت فترة انحدار بطيء. وقد غزت مصر أو غزا من خلال سلسلة من قوى أجنبية (مثل الكنعانيين / الهكسوس، الليبيين، النوبيين، وآشور، بابل، والحكم الفارسي والمقدونية اليونان) في الفترة الانتقالية الثالثة من مصر والعصر المتأخر. في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر، وهو واحد من جنرالاته، بطليموس سوتر، فرض نفسه كحاكم جديد لمصر. حكمت سلالة البطالمة هذا اليونانية مصر حتى 30 قبل الميلاد، عندما، تحت كليوباترا، فإنه انخفض إلى الإمبراطورية الرومانية وأصبحت مقاطعة رومانية. جاء نجاح الحضارة المصرية القديمة جزئيا من قدرتها على التكيف مع الظروف وادي نهر النيل. الفيضانات يمكن التنبؤ به والري للرقابة من وادي خصبة تنتج محاصيل الفائض، الأمر الذي غذى التنمية الاجتماعية والثقافة. مع الموارد لتجنيب، إدارة الاستغلال برعاية المعدنية من الوادي والمناطق الصحراوية المحيطة بها، والتنمية في وقت مبكر من نظام الكتابة المستقلة، وتنظيم البناء الجماعي والمشاريع الزراعية، والتجارة مع المناطق المحيطة بها، والعسكرية تهدف إلى هزيمة الأعداء الأجانب و تأكيد الهيمنة المصرية. تحفيز وتنظيم هذه الأنشطة كانت بيروقراطية من الكتبة النخبة والقادة الدينيين والإداريين تحت سيطرة فرعون الذي حرص على التعاون والوحدة للشعب المصري في سياق نظام محكم من المعتقدات الدينية. تشمل العديد من الإنجازات من قدماء المصريين واستغلال المحاجر، والمسح وتقنيات البناء التي سهلت بناء الأهرامات الأثرية والمعابد والمسلات و؛ نظام من الرياضيات، ونظام عملي وفعال في الطب، ونظم الري وتقنيات الإنتاج الزراعي، وهو أول السفن المعروفة، القيشاني المصري والتكنولوجيا الزجاج، أشكال جديدة من الأدب، وأقرب معاهدة سلام معروفة مع الحثيين. غادر مصر إرثا دائما. الفن والعمارة تم نسخها على نطاق واسع، وحملت آثارها قبالة إلى أقاصي العالم. وقد ألهمت لها آثارا ضخمة خيال المسافرين والكتاب لعدة قرون. A الاحترام الجديدة التي حصلنا عليها للآثار والحفريات في الفترة الحديثة المبكرة أدت إلى التحقيق العلمي للحضارة المصرية ومزيد من التقدير إرث الثقافي[/color].
الامتداد التاريخى
قبيل بداية عصر ما قبل الأسر، كان المناخ المصري القاحل أقل قحلاً مما هو عليه اليوم. وغطت حشائش السافانا مناطق واسعة من مصر واجتازتها قطعان الرعي من ذوات الحوافر. كانت الثروة الحيوانية والنباتية أكثر غزارة من الآن في جميع المناطق، وساعد منطقة نهر النيل في تكاثر جماعات من الطيور المائية. كان الصيد شائعاً بين المصريين في تلك الفترة، التي أيضاً تم استئناس العديد من الحيوانات بها
جرة تقليدية استخدمتها شعوب النقادة في عصر ماقبل الأسرات.
في نحو 5000 ق.م، عاشت قبائل صغيرة في وادي النيل ونمت وطورت سلسلة من الثقافات التي كانت الزراعة وتربية الحيوانات تسيطر عليها، بالإضافة للمقتنيات من الفخار والممتلكات الخاصة التي عثر عليها. كانت أكبر تلك الحضارات هي حضارة البداري في مصر العليا، التي اشتهرت بالسراميك عالي الجودة، والأدوات الحجرية، واستخدامها للنحاس.
في الشمال، تبعت البداري بحضارات أمراتيان وغيرزيانالتي أظهرت عدداً من التطورات التكنولوجية. أثناء فترة حضارة الغيرزيان، أثبتت أدلة مبكرة وجود اتصال مع كنعان وساحل جبيل
في الجنوب، وازت حضارة النقادة حضارة البداري، وبدأت في التوسع على طول النيل بنحو 4000 ق.م في وقت مبكر أثناء حضارة النقادة، استورد المصريين القدماء حجر السج من إثيوبيا، الذي استخدم في نقل الريش بالإضافة لأشياءً أخرى.[15] على مدى فترة حوالي 1000 سنة، تطورت حضارة النقادة من مجتمعات زراعية صغيرة إلى حضارة قوية كان لقادتها السيطرة الكاملة على الناس والموارد في وادي النيلوسعا قادة النقادة على بسط سيطرتهم على مصر شمالاً على طول نهر النيل بتأسيس مراكز قوة في هيراكونپوليس ثم في أبيدوسوتاجروا مع النوبة في الجنوب، وواحات الصحراء الغربية في الغرب، وثقافات شرق البحر المتوسط في الشرق
صنعت شعوب النقادة مجموعة متنوعة من السلع الثمينة، في انعكاس لزيادة الطاقة والثروة في طبقة النخبة، والتي شملت طلاء الفخار والمزهريات الحجرية المزخرفة ذات الجودة العالية، واللوحات الفنية والمجوهرات المصنوعة من الذهب والالبيد والعاج. وقاموا أيضاً بتطوير السيراميك الصقيل المعروف بالقيشاني والذي كان يستخدم في العصر الروماني لتزيين الكؤوس والتمائم والتماثيل.[18] وقبيل نهاية عصر ما قبل الأسرات، بدئت شعوب النقادة استخدام رموز كتابية كان من شأنها في نهاية الأمر التطور إلى نظام كامل للغة الهيروغليفية لكتابة اللغة المصرية القديمة.
بداية عصر الأسر
لوحة نارمر يصور توحيد الأرضين
قام كاهن مصري في القرن الثالث قبل الميلاد بتصنيف الفراعنة بدايةً من مينا وحتى عصره إلى 30 أسرة حاكمة، وهو نفس التصنيف الذي ما يزال يستعمل حتى اليوم. واختار أن يبدأ تصنيفه الرسمي بالملك ميني (أو مينا باليونانية) الذي يسود الاعتقاد أنه وحد مملكتي مصر العليا والسفلى معاً في حوالي العام 3200 ق.موقد حدث الانتقال إلى دولة واحدة موحدة تدريجياً، بشكل أكبر مما كان الكتاب المصريون القدماء يعتقدوا، وليس هناك أي سجلات معاصرة عن مينا. ومع ذلك يعتقد بعض الباحثين الآن أن مينا الأسطوري هو نفسه الفرعون نارمر، الذي صوّر وهو يرتدي الزي الملكي على لوحة نارمر الاحتفالية في خطوة رمزية للتوحيد
في عصر الأسر المبكرة حوالي 3150 ق.م، بسط أول فرعون سيطرته على مصر السفلى عن طريق إنشاء عاصمة في ممفيس، التي أمكن من خلالها السيطرة على القوة العاملة والزراعة في منطقة الدلتا الخصبة، بالإضافة إلى السيطرة على حركة التجارة المتجهة إلى الشام. وقد عُكست سلطة ونفوذ الفراعنة في ذلك الوقت على وضع مقابرهم وهياكلها، والتي كانت تستخدم للاحتفال بالفرعون بعد وفاته.[22] طورت الملكية وقوتها بإضفاء الفراعنة لعامل الشرعية في سيطرة الدولة على الأرض والعمل والموارد التي لا غنى عنها لبقاء ونمو الحضارة المصرية القديمة.[23]
الفترة الانتقالية الأولى
ى
بعد انهيار الحكومة المركزية في مصر في نهاية عصر المملكة القديمة، أصبحت الإدارة غير قادرة على تدعيم اقتصاد واستقرار البلاد. ولم يكن باستطاعة حكام الأقاليم الاعتماد على الملك للمساعدة في وقت الأزمات، وأدت الفترة التي تلاتها نقص الغذاء والنزاعات والخلافات السياسية إلى زيادة حدة المجاعات والحروب الأهلية صغيرة الحجم. وعلى الرغم من تلك المشاكل الصعبة، قام القادة المحليين مستهترين بالفرعون، باستغلال استقلالهم الجديد لتأسيس حضارة مزدهرة في المحافظات. وبالسيطرة على موارد المقاطعات الخاصة، أصبحت الأقاليم والمقاطعات أكثر ثراءً من الناحية الاقتصادية؛ وهي حقيقة شهدها جميع فئات المجتمع.[24] وقد اعتمد وتكيف الحرفيون المحليون على زخاف كانت ممنوعة سابقاً في عصر الدولة القديمة، بالإضافة لأساليب أدبية جديدة اتجه إليها كانت تعرب عن التفاؤل وأصالة هذه الفترة.[25]
بدأ الحكام المحليين التنافس مع بعضهم البعض على السيطرة على الأراضي والسلطة السياسية، مبتعدين عن ولائهم للفرعون. وبحلول 2160 ق، م، سيطر الحكام في هيراكليوبولس على مصر السفلى، بينما سيطرت أسرة إنتيف، إحدى العشائر المنافسة في طيبة، على مصر العليا. ومع نمو سلطة وسيطرت الإنتيف إلى الشمال، أصبح الصدام بين العشيرتين أمراً حتمياً. وقامت قوات طيبة بقيادة منتوحوتپ الثاني بهزيمة حاكم هيراكليوبولس، معيدين توحيد الأرضين وبداية عصر نهضة ثقافية واقتصادية عرفت باسم الدولة الوسطى.[26]
الدولة الوسطى
أمنمحات الثالث، آخر حاكم كبير من عصر الدولة الوسطى
استعاد فراعنة الدولة الوسطى رخاء البلاد واستقرارها، مما أدى لتحفيز الفن والأدب ومشاريع البناء الضخمة.[27] حكم منتوحوتپ الثاني وخلفائه من الأسرة الحادية عشر البلاد من طيبة كعاصمة للبلاد، ولكن سرعان ما تغير الأمر عند تسليم الوزير أمنمحات الأول الملكية للأسرة الثانية عشر في 1985 ق.م، عندما غيّر العاصمة وجعلها لتجتاوي التي تقع في الفيوم الآن.[28] ووضع فراعنة الأسرة الثانية عشر خطة بعيدة الأمد للاستصلاح الأراضي ونظم الري لزيادة الإنتاج الزراعي في البلاد. وأكثر من ذلك، استعاد الجيش منطقة النوبة الغنية بالمحاجر والذهب، وعمل العمال على بناء هيكل دفاعي في شرق الدلتا أطلق عليه اسم "جدران الحاكم" لصد الهجمات الخارجية.[29]
ازدهرت البلاد في الفن والدين في ظل الأمن العسكري والسياسة والأمن الزراعي. وعلى عكس موقف نخبة الدولة القديمة تجاه الآلهة، شهدت الدولة الوسطى زيادة في التعبير عن "التقوى الشخصية" أو ما يمكن أن يسمى "ديموقراطية الحياة الآخرة"، التي تعطي لكل فرد روحاً من الممكن أن تكون مرحباً بها بجوار الآلهة بعد الموت.[30] كما تميز الأدب في المملكة الوسطى بالمؤلفات المتطورة المواضيع والشخصيات المكتوبة في أسلوب بليغ وجرئ، والنحت النافر والتصويري لفترة الاعتقالات الخفية، كانت تفاصيل فردية وصلت إلى مستويات جديدة من الكمال التقني.[31]
سمح آخر حكام الدولة الوسطى، أمنمحات الثالث، بالمستوطنين الآسيويين بالعيش في منطقة الدلتا، لتوفير قوة عاملة كافية لا سيما في التعدين النشط وبناء المدن. ولاحقاً، أدت أعمال البناء الطموحة تلك، وأنشطة التعدين، بالإضافة إلى عدم كفاية فيضانات النيل لاحقاً في مُلكة، إلى توتر اقتصادي عجل من الاضمحلال إلى الفترة الانتقالية الثانية خلال عصر الأسرتين الثالثة عشر والرابعة عشر. وخلال هذا الاضمحلال، بدئت الطائفة الأجنبية الآسيوية في السيطرة على منطقة الدلتا، مما أدى لاحقاً وفي نهاية المطاف إلى بسط سلطتهم على مصر وعرفوا بالهكسوس.[32]
الفترة الانتقالية الثانية والهكسوس
في حوالي 1650 ق.م، ومع ضعف سلطة فراعنة الدولة الوسطى، سيطر المهاجرين والمستوطنين الآسيويين الذين يعيشون في منطقة شرق الدلتا في بلدة زوان على المنطقة وأجبرت الحكومة المركزية على التراجع إلى طيبة، حيث كان يعامل الفرعون كتابع ويدفع الجزية.[33] قلد الهكسوس ("الحكام الأجانب" أو "الملوك الرعاة") نماذج الحكم والحكومة المصرية، فنصبوا أنفسهم فراعنة، وبالتالي دمجت العناصر المصرية في ثقافة العصر البرونزي.[34]
وجد ملوك طيبة أنفسهم بعد انسحابهم محاصرين بين الهكسوس من الشمال وحليفة الهكسوس، مملكة كوش من الجنوب. وبعد مرور ما يقارب 100 عام على سيطرة الهكسوس على الحكم الذي كان يتصف بالتراخي والخمول الثقافي، استطاعت قوات طيبة من جمع ما يكفي من القوة لتحدي الهكسوس لصراع استمر لمدة 30 عام، وذلك قبل حلول العام 1555 ق.م[33] وقد تمكن الفرعونان سقنن رع الثاني وكامس من هزيمة النوبيين في الكوش، لكن يرجع فضل القضاء على الهكسوس نهائياً في مصر لخليفة كامس الفرعون أحمس الأول. في عصر الدولة الحديثة التي تلت ذلك، أصبحت العسكرية أولوية رئيسية بالنسبة إلى الفراعنة الذين سعوا إلى توسيع لحدود مصر وتأمين هيمنة كاملة لها في الشرق الأدنى.[35]
أقصى حد الإقليمية لمصر القديمة (القرن 15 قبل الميلاد)
الدولة الجديدة
أنشأ فراعنة المملكة الجديدة فترة ازدهار غير مسبوقة بتأمين حدودها وتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع جيرانها. شنت الحملات العسكرية تحت قيادة تحتمس الأول وحفيده تحتمس الثالث مدت نفوذ الفراعنة في سوريا وبلاد النوبة، تدعيماً للولاء وفتح فرص الحصول على الواردات الحساسة مثل البرونز والخشب.[36] وبدء ملوك وفراعنة الدولة الحديثة حملة بناء واسعة النطاق لتعزبز الإله أمون، الذي ازدادت عبادته وكانت مقراً في معبد الكرنك. كما أنهم شيدوا الصروح لتمجيد الإنجازات الخاصة بهم، سواء كان حقيقيةً أو تخيلاً. وقد استخدمت الملكة الأنثى حتشبسوت مثل هذه الدعاية لتضفي شرعية على دعواها إلى العرش.[37] وتميز عصرها الناجح بالبعثات التجارية إلى بنط، ومعبد جنائزي أنيق، بالإضافة إلى زوج من المسلات الضخمة ومعبد في الكرنك. وعلى الرغم من إنجازاتها، سعى ربيب حتشبسوت، تحتمس الثالث لمحو ارثها قبيل نهاية حكمة، الأمر الذي قد يكون بدافع الانتقام لاغتصابها عرشه.[38]
أربعة تماثيل ضخمة لرمسيس الثاني الجناح مدخل معبد أبو سمبل له.
حوالي العام 1350 ق.م، هُدِدَ استقرار الدولة الجديدة عندما وصل أمنحوتب الرابع إلى العرش، الذي وضع سلسلة من الإصلاحات الفوضوية والجذرية. بتغير اسمه إلى إخناتون (أي عبد أتون)، روج أمنحوتب الرابع إله الشمس أتون على أنه الإله الأعلى، وعلى أنه واحدٌ لا شريك له، ووحد عبادة جميع الآلهة في عبادة أتون، حيث قمع ومنع عبادة آلهة أخرى غير أتون، وهاجم سلطة وقوة المؤسسة الكهنوتية في ذلك الوقت.[39] بالإضافة لنقله العاصمة إلى مدينة أخناتون الجديدة (تل العمارنة حالياً)، ولم يكترث للشؤون الخارجية وانكب على استيعاب نفسه في دينة الجديد وأسلوبه الفني. بعد وفاته، تم التخلي سريعاً عن عبادة أتون، وقام كلٌ من توت عنخ أمون وخپر خپرو رع آي، وحورمحب بمسح جميع التفاصيل العائدة لبدعة إخناتون، أو كما تعرف باسم فترة تل العمارنة.[40]
وعند تولي رمسيس الثاني العرش، والمعروف أيضاً برمسيس العظيم، وذلك في حوالي 1279 ق.م، عمل على بناء المزيد من المعابد، وإقامة المزيد من التماثيل والمسلات، بالإضافة لإنجابه أطفال أكثر من أي فرعون في التاريخ.[41] وقاد بجراءة في معركة قادش ضد الحيثيين، والتي أسفرت وبعد قتالٍ عنيف دام لأكثر من 15 عاماً، عن أول وأقدم معاهدة سلام عرفها التاريخ، وكان ذلك في العام 1258 ق.م.[42] وكانت ثروة مصر ونمائها الاقتصادي والاجتماعي سبباً جعل مصر وأرضها أرضاً مغرية للغزو من القوى الأجنبية، خاصةً الليبيين وشعوب البحر. تمكن الجيش في بداية الأمر من صد هذه الغزوات وردعها، ولكن مع زيادة وتكثيف الغزوات فقد مصر السيطرة على أراضي سوريا وفلسطين. وزاد تأثير التهديدات الخارجية مع تفاقم المشاكل الداخلية مثل الفساد وسرقة المقابر والاضطرابات المدنية. وقام كبار الكهنة في معبد أمون في طيبة بجمع مساحات شاسعة من الأرض والثروة، وأدت قوتهم المتزايدة إلى انشقاق البلاد خلال الفترة الوسطى الثالثة (عصر الاضمحلال الثالث).[43]
حوالي 730 قبل الميلاد الليبيين من الغرب كسر الوحدة السياسية للبلد.
الفترة الانتقالية الثالثة
بعد وفاة رمسيس الحادي عشر في 1078 ق.م، فرض سمندس السلطة على الجزء الشمالي من مصر، وجعل مدينة تانيس مقر حكمه. أما الجنوب، فقد كان واقع فعلياً تحت سيطرة "كهنة آمون في طيبة"، الذين اعترفوا بحكم سمندس بالاسم فقط.[44] وخلال هذا الوقت، استقر الليبيون ضمن قبائل في منطقة غرب الدلتا، وبدأ شيوخ تلك القبائل في زيادة سلطتهم تدريجياً. وسيطر أمراء ليبيا على الدلتا تحت إمارة شيشنق الأول في 945 ق.م، وأسس ما يسمى أسرة بوباستيس التي حكمت لنحو 200 عاما. كما سيطر شيشنق أيضا على جنوب مصر من خلال وضع أفراد من أسرته في مراكز كهنوتية هامة. ولكن بدأت سيطرة الليبيون في التآكل مع نشأت سلالات منافسة في منطقة دلتا وتهديد أسرة مملكة الكوش من الجنوب. وبحلول 727 ق.م، غزا الملك الكوشي بعنخي الشمال، وسيطر في نهاية المطاف على طيبة والدلتا.[45]
انهارت هيبة مصر بعيدة المدى انهيرا كبيرا نحو نهاية الفترة الوسطى الثالثة. حيث قل حلفائها الأجانب في إطار نفوذ الإمبراطورية الآشورية وبحلول 700 قبل الميلاد أصبحت الحرب بين البلدين أمرا حتميا. بدء الآشوريين هجومهم وغزوهم على مصر في الفترة بين 671 و 667 ق.م. وقد امتلأت منطقة كل من الملكي الكوشيين طهارقة وخليفته، تنتامانى، بصراع مستمر مع الآشوريين، ضد الحكام النوبيين الذين تمتعوا بالعديد من الانتصارات.[46] في نهاية المطاف، دفع الآشوريين الكوشيون وأجبروهم على العودة إلى النوبة، واحتلوا ممفيس، وعزلوا معابد طيبة.[47]
العصر المتأخر
مع عدم وجود خطط دائمة للغزو، ترك الآشوريون السيطرة على مصر لسلسلة من التوابع التي أصبحت تعرف باسم ملوك سايت من الأسرة السادسة والعشرين. وبحلول 653 ق.م تمكن ملك السايت إبسماتيك الأول من طرد الآشوريين بفضل المرتزقة اليونانية الذين تم تجنيدهم لتشكيل أول بحرية مصرية. ثم امتد تأثير اليونان بشكل كبير حيث أصبحت مدينة نيكراتيس وطن اليونانيين في منطقة دلتا. واستقر ملوك سايت في مقرهم الجديد في العاصمة سايس لفترة وجيزة لكونها شهدت نشاط في الاقتصاد والثقافة، ولكن في 525 ق.م، بدأ الفرس ذو النفوذ بقيادة قمبيز الثاني، غزوهم لمصر، وفي النهاية اسر الفرعون بسماتيك الثالث في معركة الفرما. ثم تولى قمبيز الثاني لقب فرعون رسميا، لكنه حكم مصر من مسقط رأسه شوشان، وترك مصر تحت حكم أحد الساتراب. وقد شهد القرن الخامس قبل الميلاد نجاح بعض الثورات ضد الفرس، ولكن مصر لم تكن قادرة على الإطاحة الدائمة بالفرس.
وبعد ضم مصر من قبل الفرس، انضمت مصر مع قبرص وفينيقيون في الساتراب السادس من الامبراطورية أخمينيونية الفارسية. انتهت الفترة الأولى من الحكم الفارسي على مصر، والمعروفة أيضاً بالأسرة السابعة والعشرين، في 402 ق.م، وفي الفترة ما بين 380-343 ق.م، حكمت الأسرة الثلاثون كأخر الأسر الملكية المحلية في مصر، والتي انتهت من مع حكم الملك ناخثورب الثاني. حدثت بعد ذلك محاولة متواضعة لاستعادة الحكم الفارسي، تعرف أحياناً باسم الأسرة الحادية والثلاثون، بدئت في 343 ق.م، وانتهت بعدها في 332 ق.م بتسليم الحاكم الفارسي مازاسيس بتسليم مصر إلى الإسكندر الأكبر من دون قتال.[48]
أسرة البطالمة
بطالمة
غزا الإسكندر الأكبر مصر في 332 ق.م، ووجد مقاومة لا تذكر من الفرس، في حين رحب به من قبل المصريون باعتباره المخلص من الحكم الفارسي. استندت الإدارة التي أنشئها البطالمة خلفاء الأسكندر، على النموذج المصري للحكم، واتخذت من مدينة الإسكندرية الجديدة عاصمة لها. وكان الغرض الأساسي لها هو عرض قوة وسيادة الحكم اليوناني، وأصبحت مقرا للتعليم والثقافة، وتركزت في مكتبة الإسكندرية الشهيرة.[49] وأضاءت منارة الإسكندرية الطريق لكثير من السفن التجارية التي تتدفق عبر المدينة، حيث جعل البطالمة التجارة والمشاريع المدرة للدخل، مثل صناعة ورق البردى، على رأس الأولويات.[50]
ولم تحل الثقافة اليونانية محل الثقافة الوطنية المصرية، حيث أيد البطالمة التقاليد الاجتماعية والدينية المتبعة على مر الزمان في محاولة لضمان ولاء السكان. وقاموا ببناء معابد جديدة على غرار الطراز المصري لدعم المعتقدات الدينية التقليدية، وصوروا أنفسهم كالفراعنة. من جهة أخرى، اندمجت بعض التقاليد المصرية واليونانية معا، حيث ولفت الألهة المصرية مع اليونانية في إطار ديني واحد، مثل سيرابيس، وأعمال الزخرفة اليونانية التي جسدت وتأثرت بالزخارف المصرية التقليدية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتهدئة المصريين، اعترض البطالمة تمرد محلي كان من الأسر المحلية المنافسة، وتجمع الإسكندرية ذو النفوذ الذي تشكل بعد وفاة بطليموس الرابع.[51] بالإضافة إلى ذلك، ومع ازدياد اعتماد روما على واردات الحبوب من مصر، أولى الرومان اهتماماً كبيراً للحالة السياسية للبلاد. وأدى تواصل الثورات المصرية، والطموح السياسي لدى البعض والمعارضين السوريين الأقوياء إلى عدم استقرار الأوضاع الداخلية، مما أجبر روما على إرسال قوات لتأمين البلاد باعتبارها مقاطعة من الامبراطورية.
الهيمنة الرومانية
جسدت لوحات مومياوات الفيوم تداخل الثقافة الرومانية مع الثقافة المصرية الفرعونية.
أصبحت مصر محافظة من الإمبراطورية الرومانية في العام 30 ق.م، بعد هزيمة ماركوس أنطونيوس والملكة البطلمية كليوباترا السابعة من قبل أغسطس قيصر في معركة أكتيوم. واعتمد الرومان بشكل كبير على شحنات الحبوب القادمة من مصر، وقمعت الفيالق الرومانية التمرد والمتمردين، وساعدت في تحصيل الضرائب الكبيرة، وكافحت ظاهرة قطاع الطرق والتي كانت منتشرة بكثرة في ذلك الوقت.[52] وأصبحت الإسكندرية مركزاً متزايد الأهمية على طريق التجارة مع الشرق، في الوقت الذي زاد فيه الطلب في روما على وسائل الرفاهية والكماليات.
على الرغم من أن الرومان كانوا أكثر عداءً تجاه المصريين من اليونانيين، استمرت بعض التقاليد مثل التحنيط وعبادة الآلهة التقليدية.[53] وازدهر فن تصوير المومياء، وصور بعض من الأباطرة الرومان أنفسهم كالفراعنة، ولكن ليس بنفس القدر في عصر البطالمة. وأصبحت الإدارة المحلية رومانية في الأسلوب ومغلقة أمام المصريون.[53]
منذ منتصف القرن الأول الميلادي، ترسخت وانتشرت الديانة المسيحية في الإسكندرية لأنها كانت تعد عبادة أخرى يمكن أن تكون "مقبولة". غير أنه دين لا يقبل الوثنية ويسعى إلى الحصول على المهتدين من الوثنية ويهدد التقاليد الدينية الشعبية. وأدى ذلك إلى اضطهاد المتحولين إلى المسيحية، وبلغ هذا الاضطهاد ذروته في عمليات التطهير الكبيرة في عصر ديوكلتيانوس بدءا من عام 303 ميلادي، إلا أنه وفي نهاية المطاف استطاعت المسيحية أن تنتشر بعد اعتناق إمبراطور مصر لها.[54] وفي سنة 391 ميلادي أصدر الإمبراطور المسيحي ثيودوسيوس الأول تشريعاً يحظر الطقوس الوثنية وأغلق المعابد.[55] وبذلك أصبحت الإسكندرية مسرحاً لأعمال شغب مناهضة للوثنية وتدمير للرموز الدينية الخاصة والعامة.[56] ونتيجة لذلك، استمرت ثقافة مصر الوثنية في الانحدار والاندثار. في حين واصل السكان الأصليين التحدث بلغتهم، اختفت ببطء القدرة على قراءة الكتابات الهيروغليفية حيث تضاءل دور كهنة وكاهنات المعابد المصرية. وتم تحويل بعض المعابد إلى كنائس، وتهجير أ
المميزات الاجتماعية
كان المجتمع المصري مجتمع طبقي بدرجة عالية، وكانت الفئة الاجتماعية عنصر مهم في كيان وشخصية المرء. احتل المزارعون النصيب الأكبر من السكان في ذلك الوقت، إلا أن المنتجات والأراضي الزراعية كانت مملوكة من قبل الدولة أو المعبد أو في بعض الأحيان تكون مملوكة من قبل أحد الأسر النبيلة كما خضع المزارعون لضريبة العمل، وكانوا يعملون في مشاريع البناء أو الري بنظام سخرة|السُخرةأما الفنانين والحرفيين، فقد كانوا بمركز أعلى وأرقى من فئة المزارعين، إلا أنهم كانوا أيضاً تحت سيطرة الدولة المباشرة، حيث كانوا يعملون في معابد الدولة، وبتلقون رواتبهم مباشرةً من خزينة الدولة. وشكل الكُتاب والمسؤولون الطبقة العليا في مصر القديمة، أو ما يسمى "طبقة التنورة البيضاء" في إشارة إلى الملابس البيضاء التي كانت بمثابة علامة على مكانتهموصور الأدب والفن بشكل واضح وضع الطبقة العليا من الشعب، حيث حظوا بنصيبٍ وافرٍ من الذكر والإشارة في مجالات الثقافة المختلفة. واحتل الكهنة والأطباء والمهندسين المدربين على اختصاصات معينة المرتبة ما قبل مرتبة النبلاء. وقد عرفت مصر القديمة العبودية في ذلك الوقت، لكن لا تزال المعلومات والدلائل عليها ذات نطاق ضيق
ساوى قدماء المصريون قانونياً بين جميع الطبقات الاجتماعية، من الرجال والنساء إلا العبيد، حيث كان لأقل الفلاحين التقدم بالالتماس إلى الوزير وحاشيته طلباً للعدلوجعل لكلٌ من الرجال والنساء الحق في امتلاك وبيع الممتلكات، وتنظيم العقود والحق في الزواج والطلاق، بالإضافة للحق في الميراث وإنشاء محاكم للفض بين المنازعات القانونية. وقد أمكن للمتزوجين التملك معاً، وبصورة مشتركة. بالإضافة إلى حماية المرأة عند الطلاق، حيث تنص عقود الزواج على الالتزامات المالية للزوج على زوجته وأولاده حتى بعد الطلاق. وبمقارنة النساء مع نظرائهم في اليونان القديمة، بل وحتى مع حضارات أكثر حداثة، كانت للمرأة المصرية في ذلك الوقت حرية اختيار، وفرص متاحة للتحقيق أكثر من أي امرأة أخرى في تلك الحقبة. فأصبحت نساء مثل حتشبسوت وكليوباترا من الفراعنة، في حين أن البعض الآخر مارس سلطة كبيرة مثل زوجات آمون المقدسة. وعلى الرغم من كل تلك الحريات، لم تشارك المرأة المصرية القديمة في الأدوار الرسمية الرئيسية، وخدمت كعنصر ثانوي في المعابد، وعموماً، لم تكن المرأة تحصل على نفس القدر من التعليم مقارنةً مع الرجال
الانجازات الحضارية
شملت العمارة المصرية القديمة على بعض المعالم الأكثر شهرةً في العالم، أهمها كانت أهرامات الجيزة ومعبد الكرنك في طيبة. وكانت الدولة هي المسؤول والممول لمشاريع البناء، إما للأغراض الدينية والاحتفالية أو لتعزيز وإظهار سلطة وقوة الفرعون. احترف المصريون القدماء حرفة البناء، واستطاع المعماريون ببناء بنايات حجرية ضخمه ذات تفاصيل دقيقة باستخدام أدوات بسيطة وفعالة في نفس الوقت.
لم تصمد مع ذلك المنازل الشخصية للمصريين القدماء حتى الآن سواء كانوا من الطبقة الحاكمة والنخبة أو العمال وغيرهم، حيث استعملوا مواد سريعة التلف وغير قوية مثل الطين اللبن والخشب للتخفيف من درجة الحرارة. عاش الفلاحون في منازل بسيطه، في حين أن القصور الكبيرة ذات التفاصيل المعمارية الدقيقة كانت للطبقة الحاكمة والنخبة. استطاع عدد قليل من قصور الطبقة الحاكمة في المملكة الجديدة من الصمود جزئياً، مثل تلك القصور الموجودة في مالكاتا وتل العمارنة، ووجد بها تفاصيل دقيقة وغنيه بالزينه والصور لأشخاص وطيور وبرك مياه وآلهة وتصاميم معمارية وهندسية بينما بنيت المعابد والبنايات الهامة بغرض البقاء إلى الأبد من الحجر بدلاً من الطوب اللبن.
تتكون المعابد المصرية القديمة الباقية الأولى، مثل تلك التي في الجيزة، من قاعات مغلقة فردية مع ألواح سقف مدعمة بالأعمدة. تطورت الهندسة في عصر الدولة الحديثة، وأضاف المعماريون الصرح والساحات المفتوحة والبهو واعتمدوا هذه التصاميم حتى دخول العصر اليوناني-الرومانياشتهر القبور ذات تصميم المصطبة في الفترات الأولى من مصر القديمة، وهي مبنى مستطيل الشكل ذو سطح مسطح مبني من الطوب اللبن أو الحجر يغطي تحته غرفة الدفن والتي توجد تحت الأرض. هرم زوسر المدرج مثلاً، هو عبارة عن ستة مساطب حجرية فوق بعضها البعض. كانت الأهرامات هي التصاميم الشائعه لمقابر الفراعين في الدولة القديمة والوسطى، قبل أن يتخلى عنها حكام اللاحقين لصالح المقابر الصخرية الأقل ظهوراً.
اهم الملوك
مينا (فرعون)
سنفرو
خوفو
جدف رع
خفرع
منقرع
منتوحتب الثانيأمنمحات الأول
أحمس (نب بحتى رع)
أمنحتب الأول (جسر
رمسيس الأول (من بحتى رع)
رمسيس الثاني (أوسر ماعت رع - ستب ان رع
إبسماتيك الأول (واح إيب رع)