8
السّلامُ عَلَيكُمْ و رحمةَ اللهِ و بركاته
اُقْدُمْ لَكُمْ رِوايَةٌ بِعُنْوَانِ الْعَمَلَةِ النَّقْدِيَّةِ
مَنْ قَلَمِي مِائَة بالمائة, نَتِيجَةُ الْهامِّ اِسْتَنْشَقْتِهِ الصَّيِّفِ الْمَاضِي,
و نَقَلَتَهُ الِيِكُمْ, لِرُبَّما استوحذت هَذِهِ الروآية الْمُتَوَاضِعَةَ عَلَى إِعْجابُكُمْ او اِهْتِمَامَكُمْ,
اردت ان اِذَّكَرَ, ان هَذِهِ الْقُصَّةَ لَا تَمِسْ اي طآئفة, و لَا اِقْصِدْ بِهَا اي جِهَةٌ,
و انما عَبِرَةَ سَنَصُلُّ الِيِهَا عِبَرِ الْفُصُولِ إِنَّ شآء اللهَ و اراد,
و اردت ان اِذَّكَرَ ايضا,
اني لَا اُكْتُبْ اي كَلَمَّةٍ بِدونِ سَبَبٍ, فَاُرْجُوَا ان لَا تُفَوِّتُوا اي مُعَنّى,
و إِنَّ كآن بَيْنَ السُّطُورِ,
و الَانِ,
الْمُقَدِّمَةُ / الْفَصْلُ الْأَوْلَ: يَوْمُ عَمَلِ آخِرِ
الفصل الثاني : لقاءات القدر
العجوز تبتسم :
و لكن يا ولدي , سيدة عجوز مثلي تطلب منك البقاء ,
فهل سترفض طلبي ؟
فيقول سآمر في نفسه :
لعلها خير ,
يدخل سآمر و تغلق العجوز البآب ,
يبقا سامر واقفا ينتظر اشارة منها ,
فتقول العجوز :
كفى خجلا , إعتبر نفسك في منزلك ,
هل احضر لك عصيرا ام قهوة ؟
تفاجا سآمر , فعادة النآس يدعونه لكأس شرآب و يرفض مباشرة ,
فإبتسم و قال :
لا عليك يا خالتي , و لكن ان كنت مصرة ,
فسيكون كأس القهوة رائعآ ,
العجوز :
حسنا يا ولدي , ساعود خلال دقائق , لا تغادر المكان !
يتوجه سآمر الى الطاولة و ينظر الى الغرفة, كم هي واسعة ,
و يتحسس باصابعه الطاولة , فلا يجد غبارا ,
و يبدا لسانه :
تبارك الله ! مآشآء الله ,
في ذلك الوقت ,
تصعد العجوز الى الطابق الثاني , الى غرفتها مباشرة ,
تفتح تلك الرسالة بصعوبة بسبب ارتعاش جسدها ,
ينفتح بؤبؤا عيناها و هي تقرها :
تسقط الدموع على كلمة الجنة ,سيدتي سامية ,
لقد توفي السيد احمد إثر سكتة قلبية ,
تعازي لك , رحمه الله , و ادخله الجنة .
خادمكم للأبد - لوكاس
و قلبها يحترق , و تبدا بالدعآء ,
بعد دقائق تنزل تلك العجوز بعد ان غسلت وجهها ,
فيرى سآمر وجهها و يحن قلبه :
ما بك يا خالتي ؟ خير إن شآء الله ؟
كيف اساعدك ؟ هل فعلت شيئا خطا ؟
و يبدا بالتردد فجاة كولد صغير ,
فتكاد العجوز تقطع تجاعيد وجهها لترسم تلك الابتسامة :
لا شيء عزيزي , قلت تريد مساعدتي , هل انا محقة ؟
يقف سآمر و يقول :
نعم , و ان كان مالا فانا اتاسف يا خالتي ,
فلا املك ما .....
تتفاجا العجوز و تسحب رسالة و تعطيها اياه :
اريدك ان تقوم ببايصال هذه الرسالة , باسرع وقت ,
الى العنوان المسجل ,
سآمر :
بالطبع !
يمسك سآمر الرسالة و يرى العنوان فيتفاجا و يقول في نفسه :
هذا العنوان بعيد جدا , يستلزم أيام لاصل له ,
مالذي سافعله ؟ لا املك ما يكفي من المال لهذه الرحلة ,
و لا اتوقع ان يدعمني المدير كيفن ,
فتنطق العجوز :
بماذا تفكر يا فتى ؟
و تسحب اوراق نقدية و تعطيها لسآمر ,
و لكن كبرياءه لا يسمح بذلك ,
سآمر :
لآ , ابدا يا خالتي , ساتكفل بامري , و الله سيوفقني في عمل الخير
العجوز :
و لكن يجب علينا ان ناخد بالاسباب , قلت لك خدها !
فيحتار سآمر , لقد فهم من كلامها انها مسلمة ,
و يقول في نفسه :
معها حق , ساخد المال , لعلها خير !
تنظر اليه مباشرة و تقول بجدية :
هنالك أمر اخر !
إحذر , ثم إحذر , ثم إحذر ان تفتح هذه الرسالة ,
مهما حصل , لا تفتحها , هل سمعتني ؟ انا جادة !
سآمر :
بالطبع يا خالتي , فانا لا اتطفل على النآس ,
و طوال مدة عملي , لم افعل شيئآ مماثلآ , و لن افعله إن شآء الله و اراد
تقول العجوز في نفسها :
الحمد لله !
فيعم الصمت فجاة ,
و تتذكر العجوز :
آه , نعم , القهوة ! كيف لي ان انسى ,
فتذهب لتحضيرها و تساله :
اخبرني عن نفسك , و اول شيء اريد ان اعرفه هو إسمك !
لا يرد سآمر ,
العجوز :
ماذا بك يا فتى ؟
سآمر بصوت مجروح :
اسف يآ خالتي , لا احبذ ان اشارك حياتي الشخصية مع اي احد ,
و ان كان هذا من قواعد العمل , فانا اتخدت هذا القرار !
العجوز :
حقا ؟ هذآ رأئع , و لكن هل لي على الاقل بمعرفة إسمك ؟
- حسنا , إنه سآمر يا خالتي ,
العجوز :
جميل , توقعت انك لست فرنسيا ,
فلو كان شخص غيرك في مكانك , لاعطاني الرسالة و ذهب ,
و لن يعطيني ادنى اهتماما , و لكنك اخلاقك بينت انك عربي و مسلم ,
هل انا محقة ؟
سآمر :
شكرآ يآ خالتي , ماذا عنك ؟
العجوز :
ليس لدي مشكلة في مشاركتك بعض المعلومات ,
انا جزائرية الاصل , و انتقلت الى هنا منذ سنين ,
و لكن لم انسى مبادئي , فانا مسلمة , و فخورة بذلك .
تصل رسالة الى هاتف سآمر و ترن تلك النغمة ,
فيشعر بالخجل و لا يسحب الهآتف ,
العجوز :
ارى ان لديك صديقة ,
سآمر :
لآ , انها مجرد رسالة من شركة الاتصالات ,
تاخد القهوة و تضعها على الطاولة و تقول :
حسنا , بصحتك .
سآمر :
شكرا يا جدتي ,
يعم الصمت مجددا ,
سآمر :
حسنا , ساشارك المزيد انا ايضا ,
حتى انا من الجزائر ,
و بصراحة , لا اتذكر متى اتيت هنا او كيف ,
يتوقف صوته في الجملة الاخيرة , لم يستطع نطق حرف آخر ,
العجوز :
لا عليك يا عزيزي , لا تحزن ,
و اين عائلتك ؟
سآمر :
نفس الشيء , لا اعلم .
العجوز تفكر , و سآمر يحاول التذكر ,
و هكذا مرت الدقائق و الصمت قآئم ,
فتطلب العجوز استرجاع رسالتها من عند سآمر ,
و يتفاجا , و لكنه لا يتردد و يقوم بارجاعها :
تفضلي , يبدوا انك لا تثقين بي , و انا افهم هذا ,
يقف و يشرع بالمغادرة ,
فتنطق العجوز :
لا , توقف يا سآمر , انا فقط ساضيف شيئآ الى الرسالة ,
و لانك مستعجل , ساقوم بذلك هنا ,
تسحب القلم من الجيب , و تكتب جملة صغيرة ,
و تعيد تغليفها و ترجعها لسآمر ,
ياخدها و يخرج بسرعة بدون وداع ,
فتخرج معه العجوز و تنظر اليه و هو يركب تلك الدراجة ,
و يضعه الرسالة في الحقيبة و يثبتها في ظهره ,
و تقول :
وداعا , بالتوفيق يآ فتى ! يآ اسامة ,
يلوح بيده و ينطلق ,
تدخل مجددا العجوز الى منزلها ,
و تعود الى المطبخ , لتقوم بغسل باقي الاطباق ,
فلا تجدها ,
فتمعن النظر و تضع نظاراتها و تقول :
اخد الزمن عينآي ,
تمعن النظر مجددا فتجد ان الاطباق مغسولة و مرتبة ,
فتبتسم و تقول :
الحمد لله الذي ارسل لي رجلا شريفا مثل سآمر ,
في تلك اللحظات يوقف سآمر الدراجة ,
يقول في نفسه :
ارجوا ان لا تكون رسالة عشوائية اخرى ! لقد مللت ,
فيرى صاحب الرسالة فيجده المدير كيفن :
سآمر , عند انتهاء دوامك ستبقى في راحة لبضعة أيآم ,
لاننا نعيد بنآء جهات اتصالنا مع شركات الانتاج ,
و راتبك الشهري تم تاخيره الى اسبوع آخر ,
بسبب الاوضاع المالية , شكرا لتفهمك .
يتنفس ببطئ و يقول في نفسه :
إهدآ , إهدآ , كل شيء على ما يرآم ,
لديك ما يكفي من المال لتوصل رسالة الخالة ,
و ايضا ما يكفيك للرجوع من هناك ,
فيحمد الله , و يضعه سماعاته , و ينطلق في طريقه ,
و عجلاته تدور حتى نزل عليه الغروب ,
فوجد نفسه في طريق طويلة ,
لا توجد محلات ,
يسحب هاتفه ليرى الساعة ,
فيوقف الآيآت القرآنية , و يقنع نفسه ,
الى ان وضع بعض الأغاني الاجنبية ,
قآئلآ :
ساكمل سماع القرآن لاحقا ,
و بعض الاغاني لن تضرني ,
و بينما هو يغير لائحة المسجلات ,
لكي يغيرها الى الاغاني ,
فيسمع صوت شاحنة ,
يرفع راسه فيجدها بعيدة عنه ببضعة امتآر ,
فيضرب برجله ليقدم الدراجة قليلا الى اليمين
ليبتعد عن مسار الشاحنة ,
و من شدة انطلاق الادرينالين , قام ذلك بسرعة ,
فضربت الجهة الامامة للشاحنة عجلته الخلفية
و اكملت طريقها الى الامام ,
و تدور دراجته نصفها في السماء و نصفها في الارض ,
و سماعاته تشد رقبته ,
و ظهره تنحفر مع اسمنت الطريق , قآئلآ :
الله اكبر !
**
**
يَتْبَعُ, شَكِرَا لِلْقِرَاءةِ,
أَنْتَظِرُ أَراءَكُمْ,
سلامُي.