0
يحكى أنّ رجلاً وقف يراقب ولعدةِ ساعات فراشةً صغيرةً
داخل شرنقتها التي بدأت بالانفراج رويداً رويداً
حيث كانت تحاول جاهدةً الخروج من ذلك الثقب الصغير الموجود في شرنقتها
وفجأة سكنت وبدت وكأنها غير قادرة على الاستمرار!
ظن الرجل بأن قواها قد استنفذت ولن تستطيع الخروج من ذلك الثقب الصغير
لأنها توقفت تماماً
فقرر الرجل مساعدتها
وأحضر مقصاً صغيراً وقص بقية الشرنقة
فسقطت الفراشة بسهولة من شرنقتها
ولكن ..
كانت بجسمٍ نحيل ضعيف وأجنحة ذابلة
ظل الرجل يراقبها معتقداً بأن أجنحتها سوف تقوى وتكبر
وبأن جسمها النحيل سيقوى وستصبح قادرةً على الطيران ..
ولكن لم يحدث شيئاً
و قضت الفراشة بقية حياتها بجسم ضعيف وأجنحة ذابلة
ولم تستطع الطيران أبداً ..
لم يعلم ..
ذلك الرجل بأن قدرة الله عز وجل ورحمته بالفراشة
جعلتها تنتظر خروج سوائل من جسمها إلى أجنحتها حتى تقوى وتستطيع الطيران.
طبعاً نشكر لهفة الرجل وعطفه لمساعدة الفراشة
ولكن نشكره أكثر لأنه علمنا درساً لا ينسى
ألا وهو عدم التدخل بما لا يعنينا
أو بمعنى آخر
ترك الفضول
ما أقصده طبعاً ليس الفضول الإيجابي الذي يدفعنا إلى زيادة معارفنا ومعلوماتنا
بالطبع لا
فهذا الفضول الذي أشد على أياديكم لتمارسوه
ولكن ما أقصده هو الفضول السلبي
الذي يجعلنا نتدخل في أشياء لا تخصنا ولا تعنينا
سواء بالسؤال أو بالاهتمام أو بالتجسس أو بالمتابعة
لأن ذلك باختصار إن دل على شيء فإنه يدل على على ضعف الإسلام في صدورنا
وهل هناك أخطر من هذا الضعف؟!
أصدقائي كلما تدخلنا فيما لا يعنينا كلما دل ذلك على:
سوء إسلامنا
لأن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
حجم التجسس والغيبة وتتبع عورات الناس الكبير الموجود لدينا
قسوة القلب بسبب كثرة اللغو غير المجدي والنافع الذي نخوض فيه.
أما نتائج هذا الفضول
فإليكم –رعاكم الله - مجموعة من النتائج المرعبة
أولها أنكم ستسمعون ما لا ترضونه وذلك لأن من يتدخل فيما لا يعنيه يسمع ما لا يرضيه.
ستكونون ثقلاء على الناس ومبغضين لهم
لأن الناس لا تحب من يدس أنفه في خصوصياتهم
ستضيعون وقتكم فيما لا يفيد
لأن الاشتغال بما لا يعني الإنسان وما لا خير له فيه، وما لا مصلحة فيه
فيه ضياع وقت.
الأسباب كافية والنتائج كافية
لنقلع عن هذا الخلق –إن وجد طبعاً-
أليس كذلك؟